حين يُصفَّق للجوع: مأساة التطبيل في زمن الانكسار

كتب / مجيب الكناني :
في وطنٍ أنهكته الحروب، وأكلت أطرافه المجاعة، يخرج من بين الركام من يرفع راية الولاء لوجوهٍ لم تجلب سوى الخراب. يُطبلون للمسؤول الفاسد، ويعظمون رؤساء الأحزاب، وكأنهم في مهرجان نصر، بينما بطونهم خاوية، وكرامتهم تُسحق تحت أقدام المتحزّبين.
ليس الجوع وحده ما يُميت، بل الذل حين يُلبس ثوب القناعة، والخوف حين يُسمى حكمة. هؤلاء الذين يصفقون للجلاد، لا يفعلون ذلك حبًا، بل يأسًا، أو طمعًا في فتات، أو هروبًا من مواجهة الحقيقة: أن من يُعظمونه هم سبب ما هم فيه.
إن أخطر ما يُصيب الشعوب ليس الفقر، بل فقدان البوصلة. حين يصبح الولاء للحزب أهم من الولاء للوطن، وحين يُقاس الشرف بعدد صور الزعيم المعلقة على الجدران، فاعلم أن الوعي قد أُغتيل، وأن الجوع لم يعد في البطون فقط، بل في العقول أيضًا.
الوطن لا يُبنى بالتطبيل، ولا تُصان كرامته بالهتاف للفساد. الوطن يُبنى حين يعلو صوت الحق، وحين يُكسر الصمت، لا حين يُصفق للظالم خوفًا أو نفاقًا.
بقلم ا/مجيب الكناني